كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا مُسْتَحَاضَةٌ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا) بِخِلَافِهِ فِي نَوْبَةِ طُهْرِهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهَا فِي طُهْرِهَا فَالدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَنْعَهَا) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا مُسْتَحَاضَةٌ نَفَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي نَوْبَةِ طُهْرِهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا كَالْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذَا نَفَرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَيْضِهَا فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا أَوْ طُهْرِهَا لَزِمَهَا وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ دَمًا فَانْصَرَفَتْ بِلَا وَدَاعٍ ثُمَّ جَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ نُظِرَ إلَى مَرَدِّهَا السَّابِقِ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ بَانَ أَنَّهَا تَرَكَتْهَا فِي طُهْرِهَا فَالدَّمُ أَوْ فِي حَيْضِهَا فَلَا دَمَ انْتَهَى. اهـ. سم عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَأَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ، فَإِنْ سَافَرَتْ فِي نَوْبَةِ حَيْضِهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ إنْ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَذُو جُرْحٍ إلَخْ) أَيْ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ وَلَا يُكَلَّفُ الْحَشْوَ وَالْعَصْبَ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا إلَخْ) وَلَوْ رَجَعَتْ لِحَاجَةٍ بَعْدَمَا طَهُرَتْ اُتُّجِهَ وُجُوبُ الطَّوَافِ نِهَايَةٌ وَوَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِلْإِذْنِ إلَخْ) وَمَنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ تَبْقَى عَلَى إحْرَامِهَا، وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ نَعَمْ لَوْ عَادَتْ إلَى بَلَدِهَا أَيْ شَرَعَتْ فِي الْعَوْدِ فِيهِ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ عَادِمَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْوُصُولُ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ كَانَ حُكْمُهَا كَالْمُحْصَرِ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ وَتَقْصِيرٍ وَتَنْوِي التَّحَلُّلَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَيَّدَهُ بِكَلَامٍ فِي الْمَجْمُوعِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً تُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَدَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَهُ فِي أَنَّهَا تَهْجُمُ وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ وَتَأْثَمُ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا وَيُجْزِئُهَا هَذَا الطَّوَافُ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا فِي بَقَائِهَا عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَتَتَحَلَّلُ بِذَبْحِ شَاةٍ إلَخْ أَيْ وَيَبْقَى الطَّوَافُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعُودَ فَتُحْرِمَ وَتَأْتِيَ بِهِ، فَإِنْ مَاتَتْ وَلَمْ تَعُدْ حَجَّ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ مَنْصُورٌ الطَّبَلَاوِيُّ سُئِلَ شَيْخُنَا سم عَنْ امْرَأَةٍ شَافِعِيَّةِ الْمَذْهَبِ طَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَاهِلَةً بِذَلِكَ أَوْ نَاسِيَةً ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إلَى بِلَادِ الْيَمَنِ فَنَكَحَتْ شَخْصًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا فَسَادُ طَوَافِهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تُقَلِّدَ أَبَا حَنِيفَةَ لِتَصِيرَ بِهِ حَلَالًا وَتَتَبَيَّنَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَتَضَمَّنُ صِحَّةَ التَّقْلِيدِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَفْتَى بِالصِّحَّةِ وَأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا سَمِعْت عَنْهُ ذَلِكَ اجْتَمَعْت بِهِ، فَإِنِّي كُنْت أَحْفَظُ عَنْهُ خِلَافَهُ فِي الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَقَدَهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ أَيْضًا تَبَعًا لَهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَأَشْبَاهُهَا وَمُرَادُهُ بِأَشْبَاهِهَا كُلُّ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَثَلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمُعْتَبَرَةِ فَإِذَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ فَاسِدٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَصَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَالِ جَازَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَائِلَ بِصِحَّتِهِ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا يَأْتِي فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ فَتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا وَيَنْبَغِي أَنَّ إثْمَ الْإِقْدَامِ بَاقٍ حَيْثُ فَعَلَهُ عَالِمًا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهَا الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ إلَخْ) وَالْأَظْهَرُ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَبَحَثَ لُزُومَ الْفِدْيَةِ شَرْحُ م ر. اهـ. سم وَبَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَلَا يَسْقُطُ أَيْ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِالْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ وَالْخَوْفِ مِنْ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مُحْتَرَمٍ وَالْخَوْفُ مِنْ غَرِيمٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَحَثَ وُجُوبَ الدَّمِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّفْرِ تَرْكُ الدَّمِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَنْعَهَا) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ سم.
(وَيُسَنُّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا مُبَارَكَةٌ وَأَنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» أَيْ: فِيهَا قُوَّةُ الِاغْتِذَاءِ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ لَكِنْ مَعَ الصِّدْقِ كَمَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ نَمَا لَحْمُهُ وَزَادَ سِمَنُهُ زَادَ أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِيُّ «وَشِفَاءُ سَقَمٍ» أَيْ: حِسِّيٍّ، أَوْ مَعْنَوِيٍّ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ شُرْبُهُ وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ لِخَبَرِ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» سَنَدُهُ حَسَنٌ بَلْ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ أَئِمَّةٌ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ طَعَنَ فِيهِ بِمَا لَا يُجْدِي وَيُسَنُّ عِنْدَ إرَادَةِ شُرْبِهِ الِاسْتِقْبَالُ وَالْجُلُوسُ وَقِيَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ثُمَّ اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِكَذَا اللَّهُمَّ فَافْعَلْ لِي ذَلِكَ بِفَضْلِك ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيَشْرَبُهُ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ» أَيْ: يَمْتَلِئُ وَيُكْرَهُ نَفَسُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» وَأَنْ يَنْقُلَهُ إلَى وَطَنِهِ اسْتِشْفَاءً وَتَبَرُّكًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَيُسَنُّ تَحَرِّي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَمَا فِي الْحَجَرِ مِنْهَا وَأَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ وَالصَّلَاةَ فِي جَوَانِبِهَا مَعَ غَايَةٍ مِنْ الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَغَضِّ الْبَصَرِ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ الطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَوْ لِلْغُرَبَاءِ كَمَا مَرَّ وَأَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ بِمَكَّةَ لِأَنَّ بِهَا نَزَلَ أَكْثَرُهُ وَمِنْ الِاعْتِمَارِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ كَمَا مَرَّ (وَ) يُسَنُّ بَلْ قِيلَ يَجِبُ وَانْتَصَرَ لَهُ وَالْمُنَازِعُ فِي طَلَبِهَا ضَالٌّ مُضِلٌّ (زِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِكُلِّ أَحَدٍ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ مَعَ أَدِلَّتِهَا وَآدَابِهَا وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابٍ حَافِلٍ لَمْ أُسْبَقْ إلَى مِثْلِهِ سَمَّيْته الْجَوْهَرَ الْمُنَظَّمَ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ وَقَدْ صَحَّ خَبَرُ: «مَنْ زَارَنِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا الْأَوْلَى فِي حَقِّ مُرِيدِ الْحَجِّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَجِّ أَوْ عَكْسُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ مَرَّ بِالْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَلِمَنْ وَصَلَ مَكَّةَ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ وَالْأَسْبَابُ مُتَوَفِّرَةٌ تَقْدِيمُهَا، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ سُنَّ كَوْنُهَا (بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) وَمَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ قَصْرِ نَدْبِ الزِّيَارَةِ، أَوْ هِيَ وَمَا قَبْلَهَا عَلَى الْحَاجِّ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا لِلْحَجِيجِ آكَدُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمْ لَهَا وَقَدْ أَتَوْا مِنْ أَقْطَارٍ بَعِيدَةٍ وَقَرِبُوا مِنْ الْمَدِينَةِ قَبِيحٌ جِدًّا كَمَا يَدُلُّ لَهُ خَبَرُ: «مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي»، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ.
الشَّرْحُ:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُسَنُّ لِمَنْ فَرَغَ مِنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقُ بَطْنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ أَيْ بِالْمَأْثُورِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى صَيَّرْتنِي فِي بَلَدِك وَبَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك، فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي وَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتنِي وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ وَقَدْ زِيدَ فِيهِ وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ اُسْتُحِبَّ لَهَا الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ تَمْضِي وَيُسَنُّ أَنْ يَزُورَ الْأَمَاكِنَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا وَأَنْ يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْبَيْتِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ «إنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ تَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ».
وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهَا السِّرَاجُ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرَةٌ إذْ الطَّائِفُونَ جَمَعُوا بَيْنَ ثَلَاثٍ طَوَافٍ وَصَلَاةٍ وَنَظَرٍ فَصَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ سِتُّونَ وَالْمُصَلُّونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ فَصَارَ لَهُمْ أَرْبَعُونَ وَالنَّاظِرُونَ فَاتَهُمْ الطَّوَافُ وَالصَّلَاةُ فَصَارَ لَهُمْ عِشْرُونَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ هُنَاكَ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَنُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا بِمَكَّةَ فِي الطَّوَافِ وَالْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي السَّعْيِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي فِي نُسُكٍ أَوْ لَا نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ م ر وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إلَى وَيُسْتَحَبُّ وَقَوْلَهُ م ر وَظَاهِرُهُ إلَخْ قَالَ الْمُغْنِي وَلَفْظُ فَمُنَّ الْآنَ يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ النُّونِ، وَهُوَ الْأَجْوَدُ وَكَسْرُ الْمِيمِ وَتَخْفِيفُ النُّونِ مَعَ فَتْحِهَا وَكَسْرِهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ مِنْهَا أَيْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ بَيْتُ الْمَوْلِدِ وَبَيْتُ خَدِيجَةَ وَمَسْجِدُ دَارِ الْأَرْقَمِ وَالْغَارُ الَّذِي فِي ثَوْرٍ وَاَلَّذِي فِي حِرَاءٍ وَقَدْ أَوْضَحَهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعْنَوِيٍّ) أَيْ كَالذُّنُوبِ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ إلَخْ) فَقَدْ شَرِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَنَالُوا مَطْلُوبَهُمْ وَيُسَنُّ الدُّخُولُ إلَى الْبِئْرِ وَالنَّظَرُ فِيهِ وَأَنْ يَنْزِعَ مِنْهَا بِالدَّلْوِ الَّذِي عَلَيْهَا وَيَشْرَبُ وَأَنْ يَنْضَحَ مِنْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَصَدْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيَامُهُ إلَى ثُمَّ اللَّهُمَّ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ إلَى وَأَنْ يَنْقُلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ) أَيْ أَوْ لِلِازْدِحَامِ وَنَّائِيٌّ زَادَ الْمِنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ وَابْتِلَالِ الْمَكَانِ مَعَ احْتِمَالِ النَّسْخِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا قَالَ قَدْ رَأَيْته صَنَعَ ذَلِكَ ثُمَّ سَمِعْته بَعْدَ ذَلِكَ يَنْهَى عَنْهُ وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ عَرَفْت سُقُوطَ قَوْلِ الْبَعْضِ أَنَّهُ يُسَنُّ الشُّرْبُ مِنْ زَمْزَمَ قَائِمًا اتِّبَاعًا لَهُ وَزَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقٌ وَشُرْبُهُ مِنْ زَمْزَمَ مُقَيَّدٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ رُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ النَّهْيَ مُطْلَقًا بَلْ عَامٌّ فَالشُّرْبُ مِنْ زَمْزَمَ قَائِمًا مِنْ أَفْرَادِهِ فَدَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اللَّهُمَّ إنَّهُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إلَخْ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ») هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ شَرِبَهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ع ش أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ.